الاستثمار الرقمي في بنوك المنطقة.. كيف يعيد تشكيل مستقبل القطاع المالي؟

الاستثمار الرقمي في بنوك المنطقة.. كيف يعيد تشكيل مستقبل القطاع المالي؟

هذا هو الجزء الأول من سلسلة تسلط الضوء على كيفية تبني البنوك في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا حلول الاستثمار الرقمي لتلبية احتياجات سكانها الشباب البارعين في استخدام التكنولوجيا.

 

هذا هو الجزء الأول من سلسلة تسلط الضوء على كيفية تبني البنوك في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا حلول الاستثمار الرقمي لتلبية احتياجات سكانها الشباب البارعين في استخدام التكنولوجيا.

تشهد المناطق المالية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تغييرات كبيرة. فالبنوك التقليدية، التي كانت تُعد ركيزة للاستقرار الاقتصادي لعقود، بدأت الآن في إعادة ابتكار نفسها، خصوصًا في مجالي الاستثمار وإدارة الثروات. مع تصاعد استخدام التكنولوجيا الرقمية، يتطور القطاع المالي، ما يفرض على هذه المؤسسات الراسخة التكيف مع التغييرات أو مواجهة خطر التراجع.

في مقابلة مع فوربس الشرق الأوسط، قال رئيس قطاع الشؤون التجارية في شركة audax المتخصصة في تقديم حلول الخدمات المصرفية الرقمية، مايك برين: "يتطور مشهد الاستثمار الرقمي في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بسرعة، بفضل بيئة التكنولوجيا المزدهرة، والاهتمام المتزايد من المستثمرين، والدعم الحكومي القوي للابتكار وريادة الأعمال".

وأشار برين إلى أن انتشار الإنترنت على نطاق واسع، مع وصول معدل انتشار الإنترنت عبر الهاتف المحمول إلى 51% في المنطقة في عام 2023، إلى جانب التوقعات بأن يتجاوز عدد مشتركي الهاتف المحمول الفريدين في المنطقة 450 مليون في عام 2024، وفقًا لبيانات GSMA، قد خلق بيئة ملاءمة لتبني حلول الاستثمار الرقمي.

من جانبه، سلط المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة 3D Advisory، سوفو ساركار، الضوء على توقعات مهمة. فقد أشار تقرير Family Wealth Transfer لعام 2024 الصادر عن شركة Altrata إلى أن 30,672 فردًا في الشرق الأوسط يُتوقع أن ينقلوا ثروة قدرها 1.3 تريليون دولار إلى الجيل القادم بحلول عام 2033.

وقال ساركار: "نتوقع نموًا سريعًا للغاية في الاستثمار الرقمي في المنطقة من الآن فصاعدًا، حيث سيفضل جيل الألفية وجيل Y بشكل متزايد الواجهات الرقمية على التفاعل الشخصي لإدارة ثرواتهم".

ببطء ولكن بثبات
وبحسب برين، فإن الأفراد والمؤسسات في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا يتجهون بشكل متزايد نحو المنصات الرقمية لتلبية احتياجاتهم الاستثمارية. تساعد هذه المنصات في تقليل حواجز الدخول، ما يعود بالنفع على المستخدمين الشباب الذين يعتمدون على الهاتف المحمول والسكان غير المتعاملين مع البنوك عبر المنطقة، من خلال توفير متطلبات منخفضة للاستثمار وخيارات استثمارية متنوعة، ما يجعل الاستثمار أكثر سهولة من أي وقت مضى.

وأشار برين إلى أن "هذه المنصات مفيدة بشكل خاص للمستثمرين الشباب ذوي الموارد المالية المحدودة الذين يرغبون في بدء الاستثمار. على مستوى العالم، يظهر الشباب حماسًا متزايدًا نحو استثمار التجزئة كوسيلة لتنمية ثرواتهم والاستعداد لمستقبلهم المالي".

وتوافق ساركار مع هذا الرأي، موضحًا أن جيل الألفية يتوقع حلولًا رقمية في جميع نقاط التفاعل ويفضل التجارب المتخصصة. وأوضح: "لا يفضل [جيل الألفية] نهجًا موحدًا لإدارة الثروات. إنهم يبحثون عن نهج على غرار نتفليكس، يستند إلى البيانات ومتخصص بقدر كبير. وتعد تطبيقات الهواتف المحمولة سهلة الاستخدام والمنصات الإلكترونية المفتاح لتلبية احتياجاتهم بفاعلية".

تحسين تجربة العملاء
وفقًا لإحدى تقارير EY، من المتوقع أن يشهد قطاع الخدمات المصرفية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا نموًا ملحوظًا، مدفوعًا بالطلب المتزايد على الخدمات المصرفية والتحول الرقمي.

يعزز الذكاء الصناعي هذا القطاع من خلال تقديم خدمات أسرع وأكثر تخصيصًا عبر برامج المحادثة الآلية. تشمل الاتجاهات الرئيسية في هذا المجال الخدمات المصرفية الرقمية، والمدفوعات عبر الهاتف المحمول، والخدمات المصرفية المفتوحة، والبلوكتشين، والتمويل المستدام.

ومع ذلك، يشير تقرير EY MENA H1 2023 Banking إلى حاجة البنوك إلى تحديث نفسها للبقاء قادرة على المنافسة وآمنة. ويؤكد التقرير على أهمية تطوير استراتيجيات جديدة، مسلطًا الضوء على ضرورة تحسين الاتصال والمدفوعات الرقمية لتعزيز التنافسية والكفاءة التشغيلية وإدارة التكاليف.

وشدد ساركار على أن "نسبة متزايدة من [الثروات الخاصة الصافية، نحو 500 تريليون دولار] سوف يمتلكها بالغون تحت سن الأربعين في السنوات القادمة. ويتعين على مديري الثروات على المستويين الإقليمي والعالمي أن يستعدوا لتلبية احتياجات مجموعة جديدة ومختلفة من الأفراد الأثرياء الذين يتمتعون بالذكاء التكنولوجي، والفضول، والرغبة في المخاطرة، والوعي الاجتماعي، ويُعتبرون عمومًا أكثر استقلالية".

ماذا يريد المستثمرون؟
وأكد برين أن صعود منصات الاستثمار الرقمية يسهم في تسهيل عملية الاستثمار في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ما يوسع الفرص أمام عدد أكبر من السكان. ومع انخفاض حواجز الدخول، يصبح من الضروري لجميع الأطراف المعنية تعزيز التثقيف والوعي المالي، جنبًا إلى جنب مع الجهود التنظيمية لحماية المستهلكين.

وقال برين: "يولي المستثمرون في جميع أنحاء العالم أهمية متزايدة للشفافية والمساءلة في التقارير المالية لضمان إدارة استثمارية فعالة وأخلاقية". وأضاف: "في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، التي تضم 190 بنكًا إسلاميًا، هناك تفضيل قوي للاستثمارات التي تتماشى مع مبادئ التمويل الإسلامي والأخلاقي. لذلك، يفضل العديد من المستثمرين في المنطقة التعامل مع البنوك والمؤسسات المالية الإسلامية الراسخة لاستثماراتهم".

من جانبه، شارك ساركار هذا الرأي، مشيرًا إلى أن المستثمرين الشباب أكثر انفتاحًا على المخاطر مقارنة بالأجيال الأكبر سنًا، وهم مستعدون للاستثمار في الأصول المضاربة مثل العملات الرقمية والأصول الرقمية والبديلة لتحقيق عوائد أعلى.

وقال: "يفضل هؤلاء المستثمرون الاستقلالية والاعتماد على الذات، لذا تلعب التكنولوجيا دورًا رئيسيًا في قراراتهم الاستثمارية". وأضاف أنهم أيضًا مهتمون بقضايا البيئة والمجتمع والحوكمة ويقومون بدمج هذه الفلسفات بنشاط في استثماراتهم.

قيمة ضخمة
من المتوقع أن يصل حجم الاقتصاد الرقمي في الشرق الأوسط إلى 780 مليار دولار بحلول عام 2030، بمعدل نمو سنوي يقارب 20%، وفقًا لـ UBS. وهذا يمثل زيادة كبيرة عن 180 مليار دولار في عام 2022.

سيستعرض الجزء الثاني من هذه السلسلة أحدث الجهود التي تبذلها بنوك منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لتوفير حلول الاستثمار الرقمي.

المصدر: فوربس