"تيك توك": أداة تفاعلية جديدة لجذب المشترين وجذب عملاء جدد في سوق العقارات

"تيك توك": أداة تفاعلية جديدة لجذب المشترين وجذب عملاء جدد في سوق العقارات

جيل جديد من وكلاء العقارات يخرجون عن المألوف في تسويق المساكن سعياً لاستقطاب الشراة

يسعى بعض وكلاء تسويق العقارات لانتهاج أسلوب جديد لجذب الشراة الجدد، وهو الصراحة المطلقة. تعتمد مقاطع الفيديو التي تنتشر على وسائل التواصل الاجتماعي على الموسيقى الرائجة والنكات الفظة والتعليقات غير المعتادة، وتتميز عن المقاطع الاحترافية لجولات في المنازل بحيث تبدو مثالية.

 

 

قال وكلاء العقارات إن هذا يساعدهم في الوصول إلى الزبائن من خلال أنسب وسيلة مريحة لهم. يحمل الآن 5.3 مليون منشور الآن على "تيك توك" وحده وسم (RealEstate#)، كما سجلت المنصة زيادة 40% في هذه المنشورات خلال أول شهرين من 2024 مقارنة مع الفترة نفسها في 2023.

 

 

أحد المساهمين في هذه الزيادة هو سيزار غوتيريز، الذي يدير "مايلستون ريل إستيت غروب" (Milestone Real Estate Group) مع كيلر ويليامز في مدينة لاريدو بولاية تكساس. خرج غوتيريز بتحريض من زوجته عن المألوف في مجال المقاطع المصورة التقليدية لعرض المساكن، وأضفى عليها طابعاً فكاهياً خاصاً باللغة الإسبانية. فبات أسلوب "المساكن الخشنة" الذي يستخدمه غوتيريز يستقطب مئات آلاف المشاهدات لكل مقطع.

 

 

أسلوب جديد

 

 

في مقطع مصور نشره حديثاً، أبرز غوتيريز غرفة معيشة مستطيلة في مسكن به ثلاث غرف للنوم معروض بسعر 369 ألف دولار، وقال غوتيريز بالإسبانية مازحاً: "على أي حال حين تشتري منزلك، لن يتبقى معك أي مال لتأثيثه".

 

 

كان الحل الذي اقترحه غوتيريز، والذي قدّمه في المقطع من خلال أداء تمارين الضغط وتمطية العضلات، هو استخدام المساحة كمركز لياقة بدنية، معلقاً: "عضوية صالة رياضية مجانية في منزلك".

 

 

يُقدّر غوتيريز أنه تلقى نحو 60 عميلاً متوقعاً ونحو تسعة عقود و12 عقاراً مدرجاً بانتظار البيع من "تيك توك" بعد تغييره لأسلوبه في فبراير. كما بدأ شراة جدد يتواصلون معه.

 

 

قال غوتيريز: "أسمح لهم بأن يقولوا ما يخطر على بالهم بدل أن أوترهم بأن يفكروا: أنا أتحدث مع وكيل عقارات محترف. بذلك يميلون للاسترخاء ويقولون في خلدهم: حسناً، فلنستمتع بالأمر".

 

 

تعتمد المنشورات على سائد قديم هو الفضول حيال نمط حياة الآخرين، إلى جانب التغيير الدارج عبر "تيك توك" و"لينكد إن" و"إنستغرام" و"فيسبوك" تابعتي "ميتا بلاتفورمز". قالت بينار يلديريم، الأستاذة المشاركة للتسويق وعلوم الاقتصاد في كلية وارتون بجامعة بنسلفانيا، إن هذه الشبكات تُستخدم على نحو متزايد كما لو كانت محركات بحث، وتبرز الوسائط المرئية والمسموعة عن غيرها من نتائج البحث.

 

 

مخاطبة المشترين المستقبليين

 

 

قالت يلديريم: "عندما تقرأ عن مواصفات منزل فهذا أمر مختلف عن أن تكون قادراً على التجول فيه أو حتى أن تراه من خلال محاكاة تشبه التجول فيه. قد يدرك وكلاء العقارات أن هذا هو المكان الذي يرغب الناس بالبحث فيه عما يريدون، والمكان الذي يحصلون فيه على الإلهام، فيوجهون مزيداً من جهودهم التسويقية نحو تلك المنصات".

 

 

العثور على شراة جدد أمر مهم، فقد كانت مبيعات المساكن غير الجديدة في الولايات المتحدة العام الماضي عند أدنى مستوياتها خلال نحو ثلاثة عقود، وقد تضغط تسوية قانونية من جانب الرابطة الوطنية للوسطاء العقاريين هذا الشهر على عمولات الوكلاء.

 

 

يستخدم واحد من بين كل ثلاثة بالغين أميركيين تطبيق "تيك توك"، وفقاً لمسح أجراه "بيو ريسيرش سنتر" (Pew Research Center) العام الماضي، كما يغلب أن يكون المشاهدين من الشباب الأصغر سناً، إذ يستخدم 62% من الشباب بين 18 و29 عاماً المنصة، مقارنة مع 10% من الفئة البالغة من العمر 65 عاماً أو أكثر، وهو ما يجعل "تيك توك" منصة جيدة بامتياز للتواصل مع من قد يرغبون بشراء منازل.

 

 

ما تزال المقاطع المصورة تحت رحمة الخوارزميات، لذا ليس هناك ضمان بأن الجمهور الذي تصله المقاطع المصورة عن العقارات يسكن في السوق المستهدفة. هذا إلى جانب أن مصير منصة "تيك توك"، التي تملكها شركة "بايت دانس" (ByteDance)، على المحك، إذ يسعى مشرّعون أميركيون إما لحظرها أو الضغط لبيعها، وهذا يعزز رغبة وكلاء العقارات في استخدام كل المنصات الممكنة كي يصلوا إلى العملاء المستقبليين.

 

 

لا يستلزم الأمر أن يكون الجميع ممثلين هزليين كي ينجحوا في تسويق الوحدات التي يسعون لبيعها، فعادةً يكفي عرض تصويري جيد تصاحبه موسيقى هادئة بالغرض.

 

 

صعوبات متزايدة

 

 

من شأن كم المحتوى المعروض أن يزيد صعوبة إبراز الوحدات، خصوصاً في ظل إقبال مزيد من الوكلاء العقاريين على استخدام المنصة. في استبيان للرابطة الوطنية للوسطاء العقاريين في أكتوبر، قال 15% من 2600 شخص شملهم الاستبيان إنهم يستخدمون "تيك توك" كأداة لإنجاز الأعمال، وتلك زيادة قدرها 5% عن 2021. خلال 12 شهراً سبقت الاستبيان في 2023، كانت وسائل التواصل الاجتماعي المصدر الأول لفئة الزبائن الممتازين لـ54% ممن شملهم الاستبيان.

 

 

كان براد سكوت، وكيل العقارات في سان أنطونيو، من بين أوائل من تبنّوا هذا النهج، فقد بدأ ينشر مقاطع لعرض الوحدات على "إنستغرام" قبل أربع سنوات، لكن مقاطع الفيديو الأولى لم تحقق النتائج المرجوة.

 

 

قال سكوت عن مقاطع الفيديو التي نشرها في البداية: "كانت تضم المحتوى الأساسي العادي. كنت تحصل إما على بضع مئات من المشاهدات أو قد يحالفك الحظ فتحصل على بضعة آلاف المشاهدات. لكن مع هذا النوع من التفاعل دون أن يظهر وجهك في المقطع، ودون استخدام شخصيتك، لم يكن الأمر مجدياً كما ينبغي. كان أشبه بأن تزعم: هذا مطبخ جيد".

 

 

قال سكوت إن المقاطع المصورة التي يُعدّها لم تنتشر على نطاق واسع إلا بعدما بدأ يستعرض شخصيته و"تخلى عن تقمّص دور رجل الأعمال". نشر سكوت أول مقطع "قوي" لجولة داخل منزل في 27 يناير. والآن لديه أكثر من 115 ألف متابع على "تيك توك"، كما تحصد مقاطه عشرات آلاف المشاهدات.

 

 

أدت شعبية سكوت إلى حصوله على وظيفة أخرى هي صانع محتوى، فقد بدأ سكوت يتقاضى 250 دولاراً عن كل وحدة حين يساعد وكلاء عقارات آخرين في إعداد مقاطعهم المصورة.

 

 

توسع استخدام "تيك توك"

 

 

قال سكوت: "أدرك مستشارو مبيعات المنازل الجديدة أن هذه خدمة رائعة لجذب الأنظار إلى منطقتي السكنية. إذا صنعت مقطعاً مصوراً ربما قبل ثلاثة أيام من عطلة نهاية الأسبوع، يمكنك أن تتوقع أن يأتي 20 أو 30 شخصاً ممن رأوا المقطع لمعاينة الوحدة".

 

 

يعتمد أندي كلاريك، وكيل العقارات الذي يعمل في "سرهانت ريل إستيت" (Serhant Real Estate) في مدينة نيويورك، على فريق مخصص يعمل بالشركة، لمساعدة الوكلاء على صنع المحتوى للوحدات المعروضة للبيع. قال متحدث باسم الشركة إن الاستوديو ينتج نحو 125 مقطعاً لوسائل التواصل الاجتماعي شهرياً، وإن واحداً من بين كل أربعة مقاطع مخصص لـ"تيك توك" تحديداً.

 

 

رغم أن الوكلاء العقاريين يمكنهم استخدام بعض الأدوات المخصصة لتحديد الموقع ليساهموا في وصول مقطع مصور إلى الجمهور المستهدف، فإن استهداف جمهور أكبر ينجح في بعض الأحيان. يحقق كلاريك مبيعات، ويتلقى عروضاً لوحدات سكنية بانتظام من خلال 237 ألف متابع له على "تيك توك". وغالباً ما يشاهد أشخاص قريبون جغرافياً من عملائه المقاطع المصورة، التي يستغل فيها نزعات مرتبطة بالتطبيقات لزيادة حجم الجمهور الذي تصله المقاطع.

 

 

قال كلاريك: "في أغلب الأحيان، تكون بداية التواصل الأول مع عملائي المستقبليين عبر أبنائهم أو مساعديهم أو مدبرة منزلهم أو شخص آخر، وهذا يجلب مزيداً من الفرص".

 

 

المصدر | بلومبرغ