انخفاض استهلاك المضخات الحرارية يمثل تحديًا هائلًا في بريطانيا
الجهود المبذولة لتشجيع الناس على تركيب المضخات الحرارية كانت بطيئة، بسبب ارتفاع التكاليف وانخفاض الوعي العام.
حذّر تقرير حديث من أن انخفاض استهلاك المضخات الحرارية يمثّل تحديًا هائلًا أمام أهداف الحياد الكربوني في بريطانيا؛ نظرًا لما يسفر عنه من إبطاء التقدم في خفض الانبعاثات من المنازل.
وشدد التقرير على أن الجهود المبذولة لتشجيع الناس على تركيب المضخات الحرارية كانت بطيئة، بسبب ارتفاع التكاليف وانخفاض الوعي العام.
وتُعدّ معالجة التلوث الناتج عن التدفئة المنزلية أحد أكبر تحديات إزالة الكربون، إذ يقدّر مستشارو المناخ تكلفة الاستثمار بمبلغ 162 مليار جنيه إسترليني (206 مليارات دولار) بين عامي 2020 و2050، إلّا أنه أساس لتحقيق هدف الحياد الكربوني في بريطانيا بحلول عام 2050، إذ شكلت تدفئة المنازل 18% من غازات الدفيئة في البلاد في عام 2021.
وتُعدّ المضخات الحرارية -وهي تقنية متجددة تستعمل الكهرباء لسحب الحرارة من الأرض أو الهواء أو الماء لتدفئة المباني- عنصرًا أساسيًا في محاولة جعل المنازل أكثر اخضرارًا.
تحديات الحلول منخفضة الكربون
قال مكتب التدقيق الوطني البريطاني، في تقريره الصادر اليوم الإثنين (18 مارس/آذار 2024)، إن
إبعاد الأسر عن الوقود الأحفوري لتدفئة ممتلكاتها كان أحد "أكبر التحديات" التي تواجهها الحكومة في محاولتها لوضع البلاد على المسار الصحيح لتحقيق هدف الحياد الكربوني بحلول عام 2050.
ووفق ما رصدته منصة الطاقة المتخصصة، تطمح الحكومة إلى تركيب 600 ألف مضخة حرارية سنويًا بحلول عام 2028، ارتفاعًا من 55 ألفًا في عام 2022، وما يصل إلى 1.6 مليون سنويًا بحلول عام 2035.
كما أعلنت الحكومة أنها ستتخذ قرارًا في عام 2026 بشأن الدور الذي يُمكن أن يؤديه الهيدروجين -الذي يُمكن وضعه عبر الأنابيب بدلًا من الغاز- في تحويل ملايين المنازل بعيدًا عن غلايات الغاز.
وقال التقرير، إن عدم اليقين بشأن مدى أهمية الدور الذي يمكن أن يؤديه الهيدروجين في التدفئة المنزلية يعوق الاستثمار والتخطيط الفعّال.
وأكد التقرير أنه يتعين على الحكومة تقديم تقرير سنوي إلى البرلمان عن التقدم المحرَز في مبيعات المضخات الحرارية، وتقديم قرار بدءًا من عام 2026 بشأن الدور -إن وُجد- الذي تراه لاستعمال غاز الهيدروجين النظيف وقودًا في التدفئة المنزلية، بحسب ما نقلته صحيفة "فايننشال تايمز" (Financial Times).
عقبات نشر المضخات الحرارية في بريطانيا
حذّر تقرير مكتب التدقيق الوطني -وهو هيئة برلمانية مستقلة لمراقبة الإنفاق العام البريطانية-
من أن وزارة أمن الطاقة والحياد الكربوني اعتمدت على افتراضات "متفائلة" حول مستويات استيعاب المستهلكين للمضخات الحرارية.
وتسير الجهود المبذولة لتحقيق هدف الحكومة المتمثل في زيادة التركيبات السنوية بمقدار 10 أضعاف، إلى ما يقرب من 600 ألف سنويًا بحلول عام 2028 ببطء؛ نظرًا لأن "التكاليف ما تزال مرتفعة والوعي العام يظل منخفضًا"، حسبما قال مكتب التدقيق الوطني.
ورُكِّبَت 18.9 ألف وحدة فقط من وحدات التدفئة النظيفة بموجب خطة المنح في المدة من مايو/أيار 2022 إلى ديسمبر/كانون الأول 2023، أي أقلّ من نصف ما يصل إلى الـ500 ألف وحدة المتوقعة بحلول تلك المرحلة.
ومنذ أن زيدت المنحة لمساعدة الأسر على تركيب المضخات الحرارية من 5 آلاف جنيه إسترليني (6.4 آلاف دولار) إلى 7500 جنيه إسترليني (9553 دولارًا) في سبتمبر/أيلول، ارتفع عدد التركيبات بنسبة أكثر من 40% في يناير/كانون الثاني 2024 مقارنةً بالعام الماضي (2023).
إلّا أن مكتب التدقيق الوطني حذّر من أن هناك حاجة إلى مزيد من البيانات لمعرفة ما إذا كان الارتفاع سيستمر، في ظل وجود عقبتين رئيستين أمام زيادة عمليات التركيب.
المشكلة الأولى هي التكلفة الإجمالية لتركيب وشراء مضخة حرارية أعلى بنحو 4 مرات من غلاية الغاز، وانخفضت بنسبة 6% فقط بالقيمة الحقيقية منذ عام 2021، مقابل هدف الحكومة بانخفاض بنسبة 25% إلى 50% بحلول عام 2025.
وتتمثل المشكلة الثانية في انخفاض وعي المستهلك، إذ أظهرت الأبحاث أن نحو 30% من الناس لم يسمعوا قط، أو لا يعرفون أيّ شيء، عن الحاجة إلى تغيير الطريقة التي تجري بها تدفئة المنازل للوصول إلى الحياد الكربوني، وفق ما نقلته صحيفة "الإندبندنت" (The Independent).
وقالت رئيسة لجنة الحسابات العامة البرلمانية ميغ هيلير: "يجب على الحكومة أن تكون واقعية بشأن مستويات طلب المستهلكين، وأن ترفع الوعي العام بالمضخات الحرارية، وأن تعمل مع الصناعة لجعل المضخات الحرارية ميسورة التكلفة".
تراجع الأهداف المناخية في بريطانيا
في الأسبوع الماضي، أرجأت الحكومة خططًا لبدء فرض غرامات على مصنّعي غلايات الغاز بدءًا من أبريل/نيسان 2024، إذا فشلوا في تحقيق أهداف الإنتاج المقررة للمضخات الحرارية.
وجاءت هذه الخطوة في أعقاب ضغوط شديدة من جانب الصناعة، التي حذّرت من عدم وجود طلب كافٍ على المضخات الحرارية لتحقيق الأهداف.
وقال مكتب التدقيق الوطني، إن هدف مبيعات المضخات الحرارية السنوية لعام 2028، البالغ 600 ألف وحدة، يفترض أن خطة فرض غرامات على مصنّعي غلايات الغاز ستدخل حيز التنفيذ الشهر المقبل.
في سبتمبر/أيلول 2023، أجّل رئيس الوزراء ريشي سوناك فرض حظر على الغلايات الجديدة التي تعمل بالنفط أو غاز النفط المسال في المنازل الريفية غير المتصلة بشبكة الغاز من عام 2026 إلى عام 2035.
وكانت هذه الخطوة جزءًا من سلسلة تراجعات من جانب الحكومة عن التدابير الرامية إلى معالجة تغير المناخ، بعد أن أبدى الحزب المحافظ الحاكم قلقه بشأن تأثير التكاليف المتزايدة للسياسات الخضراء في الناخبين قبل الانتخابات العامة.
وفي بيان، سلّطت الحكومة الضوء على قرارها في سبتمبر/أيلول بزيادة منحة تركيب المضخات الحرارية للأسر؛ ما أدى إلى زيادة الطلبات المقدمة إلى ما يقل قليلًا عن ألفي طلب شهريًا في المتوسط.
وأضافت: "من خلال مساعدة الأسر على تركيب مضخات حرارية بدلًا من إجبارها على ذلك، مع منحة أكبر بنسبة 50% للمضخات الحرارية، قمنا بتعزيز الطلبات بنسبة 40% تقريبًا".
وقالت، إنها تستثمر "المليارات في تحديث المنازل، بما في ذلك عزل نحو 700 ألف عقار"، وأطلقت حملة إعلامية عامة حول المضخات الحرارية والعزل والألواح الشمسية.
المصدر | وكالة الطاقة المتخصصة